تُعَدّ جماعة شرق أفريقيا (EAC) منظمة حكومية إقليمية تضم حالياً ثماني دول أعضاء، وهي: جمهورية تنزانيا المتحدة، جمهورية كينيا، جمهورية أوغندا، جمهورية بوروندي، جمهورية الكونغو الديمقراطية، جمهورية رواندا، جمهورية الصومال الفيدرالية، وجمهورية جنوب السودان. ويقع مقرها الرئيسي في مدينة أروشا بتنزانيا.
تأسست المجموعة لأول مرة عام 1967، لكنها حُلَّت بعد عقد من الزمن في عام 1977. وبعد مرور عشرين عاماً، ثم أُعيد تأسيسها بعد عقدين من الزمان عام 1999 على يد الدول الثلاث المؤسسة: تنزانيا وأوغندا وكينيا، ودخلت حيّز التنفيذ الكامل في ٧ يوليو من العام التالي.
انضمت بوروندي ورواندا إلى الجماعة بعد توقيعهما على معاهدة الانضمام في 1 يوليو 2007. وتمكّنت جنوب السودان من الانضمام إلى الجماعة في 15 أغسطس 2016. أما جمهورية الكونغو الديمقراطية، فقد وقّعت على معاهدة الانضمام في 8 أبريل 2022 وأصبحت عضواً كامل العضوية في 11 يوليو 2022.
وفي وقت لاحق، وقّعت جمهورية الصومال الفيدرالية معاهدة الانضمام إلى جماعة شرق أفريقيا في 15 ديسمبر 2023، وأصبحت عضواً كامل العضوية بعد إيداع وثيقة التصديق لدى الأمين العام للمجموعة في 4 مارس 2024.

تُعَدّ جماعة شرق أفريقيا (EAC) منظمة حكومية إقليمية تضم ثماني دول شريكة، هي: جمهورية بوروندي، جمهورية الكونغو الديمقراطية، جمهورية كينيا، جمهورية رواندا، جمهورية الصومال الفيدرالية، جمهورية جنوب السودان، جمهورية أوغندا، وجمهورية تنزانيا المتحدة، ويقع مقرها
الرئيسي في أروشا بتنزانيا. مصدر الصورة: وزارة الشؤون الخارجية
تُعَدّ جماعة شرق أفريقيا (EAC) واحدة من أسرع التكتلات الاقتصادية الإقليمية نمواً في العالم. فمنذ البداية، كان هدفها الرئيس هو توسيع وتعميق مجالات التعاون بين الدول الشريكة في عدة قطاعات محورية لتحقيق منافع متبادلة.
وتشمل هذه القطاعات الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وفي الوقت الراهن، يشهد مسار التكامل الإقليمي تقدّماً ملحوظاً، يتجلى في التطور المشجّع لاتحاد الجمارك لشرق أفريقيا، وإنشاء السوق المشتركة، والرؤية المستقبلية الرامية إلى تنفيذ بروتوكول الاتحاد النقدي لشرق أفريقيا (العملة الموحدة).
إنجازات وإخفاقات جماعة شرق أفريقيا
على مرّ السنين، حققت الجماعة العديد من الإنجازات السياسية والاقتصادية الكبرى التي مهدت الطريق أمام تقدّم شرق أفريقيا نحو الاكتفاء الذاتي والتنمية المتبادلة. فعلى سبيل المثال، شهد شهر يناير 2005 إنشاء اتحاد الجمارك الذي دشّن عهداً جديداً في عملية التكامل.
وأصبح بروتوكول الاتحاد الجمركي سارياً بالكامل في عام 2010. وتمثّل هدفه الأساسي في تحرير التجارة البينية داخل الإقليم على أساس اتفاقيات تجارية متبادلة بين الدول الشريكة، مما يُسهم في تعزيز الإنتاج والكفاءة ويُحفّز الاستثمارات المحلية وعبر الحدود، إضافةً إلى دعم التنمية الاقتصادية داخل الجماعة.
أما العناصر الأساسية لاتحاد الجمارك فشملت: اعتماد تعرفة جمركية خارجية موحدة (CET) على الواردات من خارج الجماعة، مقابل تجارة حرة بين الدول الشريكة، إلى جانب توحيد الإجراءات الجمركية.

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود (يسار) يصافح نظيره من جنوب السودان سلفا كير خلال القمة الثالثة والعشرين لرؤساء دول مجموعة
شرق أفريقيا في أروشا، تنزانيا. (مصدر الصورة: فنسنت أوينو)
تشمل الإنجازات الرئيسية الأخرى للاتحاد الجمركي تقليل الحواجز غير الجمركية وتحسين بيئة الأعمال في المنطقة. على سبيل المثال، أدى إدخال نظام النافذة الإلكترونية الواحدة (ESWS) إلى تقليص وقت التخليص الجمركي للبضائع بشكل كبير، بمقدار يُقدَّر بعدة أيام. وساعد "الإقليم الجمركي الموحد" في السماح بتخليص البضائع العابرة عند نقطة الدخول الأولى في الدولة العضو.
كما أُزيلت جسور الوزن، وتم تقليل نقاط التفتيش الشرطية والجمارك، وأُدخلت إجراءات التخليص المحوسبة، وتم إنشاء أنظمة تتبع البضائع إلكترونياً. كما تم تقليل مدة عبور البضائع من 21 يوماً إلى 5 أيام، وانخفضت تكاليف النقل بشكل كبير. على سبيل المثال، انخفضت تكلفة استئجار شاحنة لنقل البضائع من مومباسا إلى كيغالي بمقدار حوالي 1000 دولار أمريكي، من 5200 دولار في عام 2010 إلى 4200 دولار في عام 2014.
وتشمل الإنجازات الأخرى التي تمكنت الجماعة من تحقيقها إنشاء حرية ضمن السوق المشتركة تحمي المنطقة من الصدمات الاقتصادية الدولية. وساعد التعريفة الجمركية الخارجية المشتركة في حماية الصناعات المحلية للجماعة، وتحسين آليات الإنذار المبكر وحل النزاعات بين الدول الأعضاء، وإنشاء وتشغيل نقاط العبور الحدودية الموحدة (OSBPs) حيث تتواجد جميع الوكالات الحدودية تحت سقف واحد لتسهيل التخليص (مثل: نامانغا، إيسيبانيا، لونغالونغا، بوسيا، مالابا، تافيتا).
كما تم تنفيذ العديد من مشاريع البنية التحتية الإقليمية (طريق آثي ريفر – نامانغا، طريق فوي – تافيتا)، وتوحيد شبكة التعليم ومعاييرها والاعتراف المتبادل بالاتفاقيات المهنية (المهندسين، والمحاسبين، والمعماريين، والأطباء البيطريين)، والترويج المشترك لمنطقة الجماعة كوجهة سياحية واحدة عبر وسائل الإعلام.
رغم هذه الإنجازات، لم تخلو جماعة شرق أفريقيا من التصورات المتضاربة والفشل الذي أثار تساؤلات حول جدواها وهدفها لدى الكثيرين. على سبيل المثال، هناك قضية تفاوت القوة بين الدول فيما يتعلق بمصالحها الوطنية. وقد أدى ذلك إلى قيام بعض الدول الأعضاء بتعزيز مصالحها الاستراتيجية على حساب الآخرين، مما خلق عدم مساواة في تقاسم المكاسب، وأدى إلى تأخير عملية التكامل وعدم تنفيذ بعض البروتوكولات بسبب الشك والاستياء بين الدول.
بالإضافة إلى ذلك، هناك قضايا عدم المعاملة بالمثل، حيث تشعر إحدى الدول أن الأخرى تحقق مكاسب اقتصادية أكبر، مما يعرقل أي جهود نحو التكامل الكامل والتنمية العامة. ونتيجة لذلك، تلتزم كل دولة بقواعد التعامل فقط بما يتوافق مع مصالحها. وتثير هذه التحديات أسئلة لدى كثيرين حول ما إذا كانت جماعة شرق أفريقيا مجرد منظمة تمويه لمصالح الدول الوطنية.
العملة الموحدة

منشور نُشر مؤخرًا من مصدر مجهول بعد اختراق صفحة EAC X (المعروفة مؤخرًا باسم تويتر) يُظهر عملة جديدة لـ EAC. وقد نفت EAC الرسمية هذه المعلومة لاحقًا واعتبرتها مزيفة. (مصدر الصورة: X)
بعد أن تم فضح المنشور الشهير على حسابات وستئل التواصل الاجتماعي X وفيسبوك باعتباره مزيفاً من قبل عدة قادة ومسؤولين حكوميين، تساءل الكثيرون عن سبب عدم تنفيذ هذا الأمر حتى الآن رغم الفوائد المقررة مسبقاً التي يُفترض أن يجلبها. وقد تم تأجيل مهمة إنشاء عملة موحدة إلى عام 2031. يُعدّ "الاتحاد النقدي لدول شرق أفريقيا " (EAMU) الركيزة الثالثة لعملية التكامل في الجماعة، وهو الوحيد الذي لم يتم تنفيذه حتى جزئياً بعد.
ويقول الدكتور بانتاليو كيسي، كبير الاقتصاديين في أمانة الجماعة، إن لديهم خارطة طريق كان من المفترض تنفيذها بين 2013 و2024، لكنها لم تُنفذ، مما أدى إلى التأخير. في الاجتماع العادي الثامن والعشرين للجنة الشؤون النقدية لمجلس شرق إفريقيا (MAC) الذي عُقد في 9 مايو 2025، تم إعادة التأكيد على الالتزام بإقامة عملة واحدة بحلول عام 2031، وتمت مناقشة التقدم المحرز في توحيد السياسات النقدية وسعر الصرف، وتنظيم القطاع المالي بشكل متكامل.

تمكنت جماعة شرق أفريقيا (EAC) من تحقيق الكثير منذ إعادة تأسيسها في عام 2001. فقد جمعت الدول معًا كمصدر للتنمية المتبادلة، إلا أن التردد من بعض الأطراف حدّ من التقدم الإضافي الذي كان من الممكن تحقيقه حتى الآن. (مصدر الصورة: مجلة New Food).
على الرغم من التزامها الأساسي بالتكامل الاقتصادي، تدرك جماعة شرق أفريقيا (EAC) أن الازدهار طويل الأمد يعتمد على الاستقرار السياسي والسلام والأمن. وقد استثمرت الجماعة في منع النزاعات وحلها، ومراقبة الأسلحة، وتعزيز الحوكمة الرشيدة من خلال بروتوكول وآليات السلام والأمن الخاصة بها. ومع ذلك، فإن هذه الرؤية تتأثر بشكل كبير بالضعف الهيكلي داخل أمانة EAC، ولا سيما غياب مديرية مخصصة للسلام والأمن، كما أشار البرلمان التشريعي لجماعة شرق أفريقيا (EALA)، ونقص التمويل لمبادرات السلام.
علاوة على ذلك، تستمر المصالح الوطنية المتباينة وضعف التماسك الإيديولوجي بين الدول الأعضاء، خاصة مع توسع الكتلة، في إجهاد أجندة التكامل الخاصة بها. وكما يرى بعض المحللين، غالبًا ما تأتي طموحات EAC للتوسع والوحدة الاقتصادية على حساب الإصلاح المؤسسي العميق والأمن الإقليمي. بدون إصلاح مؤسسي عاجل وإعادة ترتيب سياسي، فإن EAC معرضة لأن تصبح عقبة أمام نفسها: فالكتلة التي من المفترض أن تقود ازدهار شرق أفريقيا قد تُسهم بدلاً من ذلك في استمرار التجزئة وعدم الاستقرار.