العسكرة في السودان وجنوب السودان وإريتريا تقدم للنساء مفارقة قاسية: فهي تخلق مساحات للتمكين في حين تعمل على تعزيز اضطهادهن بشكل منهجي. يكشف هذا البحث كيف تفشل مشاركة المرأة في نضالات التحرير —التي غالبًا ما يتم الاحتفاء بها على أنها ثورية— في ترجمتها إلى مساواة دائمة عندما تصمت الأسلحة.

ومن خلال مقابلات مع ناشطات وخبيرات ونازحات، توثق الدراسة كيف حطمت المقاتلات الإريتريات المعايير الجندرية أثناء التحرير، ولكنهن واجهن الوصمة والإقصاء بعد ذلك؛ وكيف تتحمل المرأة السودانية وطأة العنف الجنسي والزواج القسري بينما يتم محوها من محادثات السلام؛ وكيف تقوم الدول الثلاث بتحويل أجساد النساء إلى ساحات قتال مع صرف الموارد في الأسلحة و التسليح بدل الرعاية الصحية. 

تكشف نتائج البحث أن العسكرة هي أكثر من مجرد حرب - إنها سوق سياسية مربحة، حيث يصبح العنف عملة ويكون الاضطهاد بين الجنسين بمثابة أضرار جانبية. ومن خلال مقارنة هذه الحالات الثلاث، يفكك البحث الأسطورة القائلة بأن المساواة في ساحة المعركة تؤدي إلى التمكين الدائم، ويظهر بدلاً من ذلك كيف تقوم الدول العسكرية بتفكيك المكاسب السياسية للمرأة بشكل منهجي خلال الفترات الانتقالية. 

وبعيداً عن النظرية المجردة، تكشف هذه الشهادات ونقاط البيانات كيف أن الأنظمة ذاتها التي توصف بأنها تحمي الدول تدمر في الواقع حياة النساء ــ أولاً بجعلهن أهدافاً أثناء الحرب، ثم باستبعادهن من عملية صنع القرار أثناء السلام.

إن الطريق إلى الأمام يتطلب إعادة تصور جذرية: إذ يتعين على السياسات أن تركز على العدالة بين الجنسين من خلال معالجة الجذور الاجتماعية والاقتصادية للصراع بدلا من تجريم المعارضة؛ وتحتاج عمليات السلام إلى أطر نسوية تعالج المظالم التاريخية؛ ويتعين على وسائل الإعلام أن تتحدى الذكورة العسكرية التي تعمل على تطبيع العنف. وكما تظهر الأبحاث، فإنه فقط من خلال تفكيك هذه الأنظمة المترابطة من القمع ــ من خلال السياسات الخارجية النسوية، والمؤسسات التي تراعي الصدمات النفسية، والبدائل التي تقودها المجتمعات المحلية للأمن العسكري ــ يمكننا كسر الدائرة التي ضحت منذ فترة طويلة بأجساد النساء وحرياتهن على مذبح سلطة الدولة. 

إن الشهادات التي تم جمعها هنا، على الرغم من آليات الخوف والإسكات التي تخيم على المجتمعات في الداخل والخارج، لا توثق الضرر فحسب - بل إنها تضيء الطريق نحو مستقبل حيث يعني الأمن من منطلق الرعاية، وليس السيطرة؛ حيث يعطي بناء السلام الأولوية للعدالة على تقاسم السلطة؛ وحيث تترجم شجاعة المرأة في زمن الحرب إلى تحرر سياسي دائم.

اقرأوا التقرير الكامل هنا وتابعوا صفحاتنا على مواقع التواصل الاجتماعي (@AndariyaMag) لمعرفة المزيد عن هذا التقرير.