لم يتخيل أحدنا يوماً أننا سنشهد وقتاً كهذا.
في خضم الإلتباس عن ماهية هذا الفيروس؛ ماذا يكون حقيقةً؟ وكيف يمكننا التخلص منه؟. فإنه لا يمكننا تجاهل الألم، المعاناة، الإحباط، الضيق وكل أجزاء المقاومة المطلوبة للاستمرار ليوم إضافي. تمثل الإجراءات التي تم تفعيلها من قبل الحكومات والمنظمات الصحية العالمية، كمنظمة الصحة العالمية (WHO) ومركز مكافحة الأمراض (CDC) (في مستوياته المختلفة) مشقة حقيقية تقع على كل فرد، لأنها في حد ذاتها تذهب في اتجاه سرد خطورة هذا الوباء. عليك البقاء بعيداً عن أحباءك لأنها الطريقة الوحيدة للمحافظة على سلامتهم؛ خاصة الأكبر سناً لما قد يسبب لهم من ألم مختلف وصعب جداً؛ فلا يمكنك التعامل مع شئ لم يسبق لك اختباره قبلاً. فكل هذه العاطفة الغامرة، و الاستمرار على نفس الروتين اليومي، والأمل في كل نفس تزفره للبقاء، تقودنا إلى نوع مفرط من التوتر والقلق.
من المهم رعاية الآخرين بصورة مستمرة، لكن بقدر مشابه لهذه الحيوية علينا الاهتمام بأنفسنا أولاً، وبذلك يكون بمقدورنا الاهتمام بالآخرين خاصة في حالة كوننا والد/والدة، مانح للرعاية و/أو عامل في خط المواجهة. والرعاية الذاتية التي كانت معروفة عند عدد من الناس أكتسبت بصورة ما مستوى من الشعبية في السنوات الأخيرة. وهنا لا نقول أن الرعاية الذاتية لم توجد من قبل، ولكن يبدو أن عدداً كبيراً من الناس اكتشفوا أخيراً أن تناول جرعات بسيطة من الماء الآن أفضل من الموت عطشاً لاحقاً في هذا العالم المتسارع. باختصار، ترتكز الرعاية الذاتية على بذل الوقت للإعتناء بأنفسنا، ويمارس عدد كبير من الناس الرعاية الذاتية بعدة طرق منها؛ اليوقا، رحلات السفر، القراءة، الإنخراط والتوجه ليوم أو ليلة نحو الخارج/ في التحدث إلي صديق/ أو شخص نعشقه. نقوم بصورة أساسية باقتطاع زمن من جداول أعمالنا المزدحمة، وذلك لخلق أوقات لنرتاح فقط ونتخلى عن الالتزامات لفترة وجيزة. هذه الجلسات يجب أن تكون بعيدة عن كل الأنشطة التي تعتبر مُجْهِدة، مُزعجة، مُشَوشة أو مستنزفة.
العزل
يمكن للعزل أن يكون طوعياً أو قسرياً، فبينما الأول يتم بقرار ورغبات الفرد، فالأخير يطبق تلبية لحاجة أو ضرورة. يصنف الإنطوائيون كمجموعة من الناس أو الأفراد الذين يجدون العزل الطوعي مصدراً للطاقة والتجديد. فالعزل عادةً يصبح أمر إيجابي عندما يوظف للأسباب الصحيحة، لكن بالقدر نفسه يمكنه أن يصبح ضاراُ بصحة الفرد في حالة كونه سالباً. أما العزل القسري فيدبر فقط في الأوضاع الحرجة وبصورة رئيسية لأغراض الحماية. يمكننا حالاً تحديد زمن للعزل القسري لأنه فعل أساسي لتقليل انتشار الفايروس، (أملين) بالتالي القضاء عليه.
كيفية تطبيق الرعاية الذاتية
هنالك إجراءات متعددة يمكن الاستفادة منها، لكنني أود التركيز على نوعين رئيسين بصورة خاصة، استجابة الفرد واستجابة المجتمع.
استجابة الفرد
هنالك اقتباس/مقولة تنص على أنه: "لا أحد يعرفك أفضل منك"، ومن حيثما أقف، فإن هذه المقولة محل تساؤل. فكونك في علاقة تقارب مع نفسك وتحدد مساحات للاكتشاف/المراجعة؛ يعني أنك تجد من السهولة تعيين النقاط التي تحتاج فيها إلى تدخل، إصلاح أو حتى اللحظات التي حققت فيها إنجاز وربما تحتاج إلى الإحتفال. فهي مهارة مهمة جداً في أوقات كهذه لأنه في اكتشاف مَكمن نقاط إنطلاقك ومن ثم تحديد المعالجات الدقيقة التي تسهل من تعريف شرارة الإنطلاق.
يفضل بعض الناس الآتي:
(1). الأديان/ الإيمان – حيث يجد الفرد الراحة والقوة خلال الكتاب المقدس و الإيمان، والصلاة، والصيام، و الشعائر و/أو المشاركة/المصاحبة.
(2) أتباع الشعائر - هذه الشعائر /الممارسات تتضمن اليوقا أو الرقص (الباليه، الهيب-هوب أو الرقصات المصممة). اليوقا هي مجال روحي وتقشفي، وتتضمن في جزء منها التحكم في التنفس، التأمل البسيط، واتخاذ وضعيات جسدية تطبيق بصورة أساسية من أجل الصحة والاسترخاء.
وحسب موقع GoodBody.com فإن ممارسو اليوقا حول العالم يبلغ عددهم نحو 300 مليون.
(3) الأنشطة المحفزة للأدرنالين: الإنخراط في الأنشطة الملطفة للمشاعر التي بإمكانها في العادة أن تكون إيجابية (تقود إلى تغيير) أو سلبية (عدم وجود خطة للتدخل على المدى الطويل). يمكن تراوحها في نطاق من الإفراط في الأكل، الرقص، التنزه، الشرب، هوس التنظيم (يعرف بالوسواس القهري ( ((OCD.
(4) الإنزواء : هؤلاء نوع من الناس الذين يتقنون عدم الاستجابة لأي شئ، بعضهم لا يستجيبون لأنه لم يعد بمقدورهم التفكير او تحديد مخرج. بينما يختار آخرون شق الطريق على أمل تحسن الأشياء دون عمل الجهد المطلوب للعمل لمعالجة الأوضاع.
كل هذه العلاجات يمكن أن ينتهجها الناس لمواجهة الضغط الواقع عليهم يوماً إثر يوم، أو حتى قضايا أكبر تواجههم. وكما أوضحت سابقاً فمن الأساسي التأكد أن هذه الممارسات يجب أن تدار بصورة صحية، غير مؤذية، شرعية أو غير عدائية.
الاستجابة المجتمعية:
عادة ما يتم تفضيل الاستجابة المجتمعية على الاستجابة الفردية من قبل مجموعة معينة من الناس، وذلك لطابعها القائم على المشاركة ( توفر ملمح من البيئة الهادئة عندما تقام مع الأصدقاء والأحباء) وهي تستند على مبدأ المسؤولية. المسؤولية تولد الدافع المطلوب للتأكد من أن الأفراد يلتزمون بما يحتاجونه لأنهم يعلمون بوجود عواقب.
أشكال استجابة المشاركة تتضمن: العلاج الجماعي، النشاطات الجماعية و/أو التدخلات.
موجهات:
سأشارك بست موجهات للمساعدة في استرخاء قلبك، عقلك وروحك في مثل هذه الأوقات.
1. اكتشف: يتوفر لدينا الوقت أكثر من أي فترة ماضية. فحتى داخل الحجر المنزلي يمكنك تخصيص بعض الوقت للاستكشاف، سواء تعرفت على أشياء عن نفسك، أفراد أسرتك، الاهتمامات ، الكلب اللطيف أمام الباب، أو الكتاب الذي أبتعته السنة الماضية لكن لم يسبق لك فتحه. نشط حواسك وتعلم.
2. تواصل: كن على تواصل مع أصدقائك وأسرتك بقدر المستطاع، مع تطبيقات مثل Facetime, Skype و Hangouts فأنت قريب، برغم المسافة. سيساعد هذا في تحريرك من التوتر والقلق بشأن سعادة قومك.
3. انخرط: استمر في الانخراط في الأنشطة المعتادة التي تقوم بها، لكن لكن مع قلب الحالة: كيف تحولها من أنشطة خارجية إلى منزلية، أنه فعل عظيم خاصة في حال كان لديك أطفال، فبإمكانك إبقائهم مشغولين أيضاً.
4. تأمل: جِدّ لك زاوية مناسبة وإلجأ إليها كل بضعة أيام، تحتاج أن تكون في مساحة حيث تسمع فيها نفسك تفكر وقد تحتاج لنافذة يمكن عبرها إنجاز التأمل سواء كانت اليوقا، مقاطع من كتاب مقدس أو براهين، أسعى إليها.
5. عبّر: ليس الجميع مبدعون، لكني اشعر أن الحكي ضروري لهذه المرحلة. التعبير هو مفتاح عند التعامل مع المشاعر بصورة إيجابية. يمكنك الكتابة، الغناء، الرسم أو التمثيل: لا حدود لخيالك. التعبير من خلال الأفعال الإبداعية يولد المتعة لكن بإمكانه أيضاً صقل ثقافة تساعد هولاء الذين لم ينجذبوا إليها أن يجدوا فيها بيئة جديدة ومزدهرة.
6. اِظهر : كنُ موجوداً! تذكر دائماً أن جزء من من الاعتناء بالنفس يتضمن أيضاً التعبير عن وجودك الخاص و السماح لنفسك بالشعور، التحرر والاستشفاء.
ليس عليك التسرع في العلاج اعتماداً على حدة الموقف. اسمح بتدفق الأشياء لأن التدفق ربما يكون مفتاح شفاءك، تقدمك، وتحررك أيضاً. برغم كل الصعوبات الممكنة، فنحن مع بعضنا البعض. الحياة رحلة نمشيها سوياً، وبإمكانك دائماً تعلم شيء أو اثنين من شخص آخر.
كن بإمان!