هذا المقال متوفر أيضاُ باللغة: الإنجليزية

إجتمع في شهر يوليو الماضي مجموعة من الشباب المبدعين في مختلف ضروب الثقافة السودانية الجنوبية و إتفقو على أن يكونوا حملة أو مبادرة هدفها مخاطبة الخلافات المنتشرة في المجتمع. قرروا في هذا الإجتماع أن يكون المحرك الأساسي للحملة هو العمل الثقافي، فبينهم مغنين, و فنانين تشكيليين, و كُتاب وممثلين. وبدأت المبادرة بورشة تدريبية لكل المشاركين وذلك في نيروبي- كينيا في نهاية شهر يوليو، وهو ما أسفر عن وضع خطة كاملة للحملة. الخطة متمثلة في إنتاج أعمال مسرحية و أغنية وفيديو كليب حيث جلس الشعراء وكتبوا الكلمات، ثم قام الملحنين بدورهم وكذلك المنتجين, كما قام التشكيليين بعمل غرافيتي في شوارع جوبا.
بداية الفكرةجلست مع بعض الشباب الذين شاركوا في الحملة فتحدثوا عن تجربتهم خلال الحملة، وكيف يمكن أن تقوم هذه الحملة بتغيير مفاهيم الناس ونظرتهم إلي بعضهم البعض. وعن بداية الحملة يقول الفنان التشكيلي توم داي:

“بدأنا الحملة كمجموعة من الشباب والناشطين في مختلف ضروب الثقافة في الجنوب, وعددنا وصل إلى 46 بيننا أكثر من عشرة سيدات. من بين أهداف الحملة التي وضعناها العمل على رفع وعي المواطن بقضايا مهمة وكذلك نبذ العنف والكراهية عن طريق الثقافة. بعد إنتهاء ورشة نيروبي جاء كل المشاركين إلى جوبا لتدشين الحملة و إيصال الرسالة إلى المواطنين.” 

المسمى
ويقول دينق ماجد وهو فنان تشكيلي:“”إخترنا إسم أنا تابان #AnaTaban لنعبر عن تعبنا فعلاً من المشاكل. تعبنا من الحرب والإقتتال, تعبنا من الكراهية والقبلية تعبنا من الفساد وتعبنا من أشياء كثيرة. ناقاشنا الإسم طويلاً و في النهاية إستقرينا على #أنا_تابان ومع ذلك قررنا أن لا نركز على السلبيات فقط بل على الإيجابيات وأشياء جيدة في المجتمع لنبرزها، وقد فعلنا ذلك”.

الحملة تهدف إلى إيصال صوت الشباب- ولا سيما المبدعين- إلى المجتمع وتأكيد وقوف الشباب مع المجتمع والعمل على إزدهاره عن طريق محاربة الكراهية والقبلية. تسعى أيضاً لرفع مستوى الوعي لدي المواطنين عن طريق الغناء والتمثيل بالإضافة إلى الرسم علي الحائط في مختلف الشوارع. #أنا_تابان ليست حملة للتعبير عن التعب فقط وإنما أيضاً تشجيع على حب الغير وحب الوطن وفعل الخير لهذا البلد. 

undefined

Image Credit: Ana Taban Campaign 

إنطلاق الحملة
تم تدشين حملة #أنا_تابان في مركز نياكورون الثقافي بحضور جمع غفير وذلك في شهر أغسطس. وقد تم تقديم مسرحيات من على خشبة المسرح تتحدث عن سأم الناس وتعبهم من الحروب والعنف. كما تم تشغيل فيديو كليب يحوي أغنية #أنا_تابان بمشاركة أكثر من عشرة مغنين من الجنسين؛ الشيء الذي وجد تجاوباً من قبل الحاضرين.وتحدث توم داي عن الدور الذي تلعبه الحملة في رفع وعي الناس قائلا: “هنالك أناس يشعرون بعدم الإرتياح عندما يسمعون الآخرين يتحدثون عن الكراهية. هذا غير مقبول, فنحن بحاجة إلى التسامح ويجب أن نبدأ من أنفسنا اولاً ثم الآخرين”. 

توجه المشاركون في الحملة- لا سيما الممثلين -إلي الأحياء السكنية لتقديم أعمال مسرحية لعامة الناس, وقد تم تقديم مسرحيات في حي الجبل, مونكي، وكونجو كونجو الشيء الذي نال إستحسان الحاضرين. كما قام التشكيليين أيضاً بعمل غرافيتي في مختلف شوارع جوبا, منها قرب داخلية جامعة جوبا وشارع الوزارات وغيرها من الشوارع. وهذا العمل (فن الشوارع Street Art) هو الأول من نوعه في جنوب السودان و يعكس الأشياء الإيجابية كما يراها الفنانين. كما تلقي مختلف النشاطات النظر على السلبيات أيضاً, وذلك تماشياً مع المفهوم القائل أن تسليط الضوء على السلبيات والمشاكل بداية الطريق لإيجاد حلول شافية لها!
سوف تنتهي المرحلة الأولي للحملة في 28- أكتوبر- 20166م كما أكد أحد المشاركين, على أن تبدأ المرحلة الثانية في وقت لاحق من هذا العام. هذا وقد إنتقد العديد من الشباب الحملة ليس لأهدافها وإنما للمسمي الذي في رأيهم أقرب إلى العمل والتأييد السياسي أكثر من أنه حملة شبابية لتعبئة الجماهير؛ خاصة وأن الحملة إنطلقت بعد صعود تعبان دينق كنائب أول لرئيس الجمهورية. وقال لي أحد الشباب الذين حضروا التدشين أن إسم الحملة يُفسر على أنه #كلنا_تعبان أي أننا نؤيد تعبان دينق. وهذا ما كان يجب أن ينتبه إليه القائمون على أمر الحملة كما أشار. 

وعلى الرغم من ذلك تظل حملة #أنا_تابان من الحملات الشبابية الناشطة في مجال الثقافة لمخاطبة جذور المشاكل والتبشير بثقافة السلام. وهذه الحملة هي الأولى من نوعها منذ الإقتتال في شهر يوليو في مدينة جوبا, وجاءت الحملة لتساعد في مداواة الجراح التي سببتها الحروب الكثيرة والتي ظلت تلاحق المواطن الجنوبي منذ أكثر من نصف قرن.يمكنكم متابعة الحملة على تويتر أو الفيسبوك. 


دينق الينق

دينق مدون و كاتب و روائي و صحفي، هو أيضاً مؤسس ومدير جمعية الأمل الأدبية. يأمل دينق في أن تساهم كتاباته في تغيير الواقع المعاش الآن إلى الأفضل. يرى أن الكتابة، لا سيما الروائية أعمق مدلول وأنفع وظيفة إجتماعية وسياسية وثقافية, خاصة أن الكتابة غدت من وسائل التربية والتثقيف والترفيه وصقل العواطف. يحب دينق أيضاً الفن التشكيلي. يمكنكم التواصل مع خلال صفحته على الفيسبوك https://www.facebook.com/daviddeng.aling